إعداد/ ياسر الجزار
كلية الزراعة جامعة بنها
مدرس مساعد الزينة والنباتات الطبية والعطرية وتنسيق الحدائق
yaserelgazar0@gmail.com
yaser.elgazar@fagr.bu.edu.eg
https://www.youtube.com/channel/UC71j6UPFE_GYaerzP4wheyQ/playlists
https://myaccount.google.com/?utm_source=chrome-profile-chooser&pli=1
النباتات الطبية والعطرية
مقدمة:-
إن الله ألعلي القدير قد ألهم الإنسان منذ النشأة الأولى كيفية البحث عن الغذاء من أجل البقاء والشفاء لأن الدواء من مكونات الغذاء وخاصة تلك النباتات وما تنتجه من إفرازات أولية أو منتجات طبيعية ذات البلسم الشافي والأكسير الواقي في علاج الأمراض البشرية وإزالة العلل الجسدية بموت الداء ودرء العلل وتجنب الملل وحديثاً ثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع أن المملكة النباتية غنية بمنتجاتها الثانوية ذات الطعم المر والرائحة العطرية المتميزة بنشاطها الحيوي بيولوجياً وتأثيرها الفسيولوجي علاجياً ضد كثير من الأمراض التي تصيب البشر والحيوانات الأليفة والطيور المنزلية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لكل داء دواء) وهذا الدواء يصاحبه الشفاء ومصدره الأساسي الغيث الساقط من السماء لارتواء النبات لكي ينمو ويتغذى عليه الإنسان لكي يشفى، ففي فترة حضارة الصين القديمة تم استخلاص المواد الفعالة من نبات الإيفيدرا مثال مركب الإيفدرين المستخدم في علاج الأمراض الصدرية والربو الشعبي وفي فترة الحضارة الفرعونية تمكنوا من إستخلاص مركب الخللين من ثمار الخلة البلدي والمستخدم في علاج المغص الكلوي وتفتيت وتكسير الحصوات الكلسية مع سرعة إدرار البول وتوسيع الحالب. ونظراً لأهمية النباتات الطبية بين الشعوب المختلفة والأمم المتتالية انتشرت زراعتها في جميع بقاع العالم فتنوعت استخداماتها في مجال التطبيب وعرفت باسم الطب الشعبي ويرجع ذلك إلى سرعة شفائها لكثير من الأمراض دون إحداث مضاعفات ويمكن تناولها في صورة أعشاب كاملة أو مساحيق أو معاجين أو صبغات أو محاليل مائية لأهميتها وفي الوقت الحاضر تحتل النباتات الطبية مكانة كبيرة في الإنتاج الزراعي والصناعي وهي تلقي عناية بالغة في كثير من الدول المنتجة لها حيث تعتبر المصدر الرئيسي لتحضير المواد الفعالة لكثير من الأدوية الهامة مثل مادة الكورتيزون – الهيوسين – الهيوسيامين – الخلين – الكمازولين وغيرها من المواد الفعالة لذلك تعتبر النباتات الطبية من أهم المواد الإستراتيجية في صناعة الدواء حيث نجد أن من العوامل التي أدت إلى الإهتمام بزراعة النباتات الطبية وإنتشارها في الفترة الأخيرة زوال الإعتقاد الذي ساد في وقت من الأوقات بإمكانية الإستغناء عن النباتات الطبية كمصدر طبيعي لصناعة الدواء وأستبدالها بالمواد الفعالة المخلقة كيميائيا بالمعامل.
وقد جذبت قيمة النباتات الطبية وسحرها علماء الغرب منذ القدم فقاموا برحلات عديدة فردية وجماعية إلى هذه المنطقة باذلين المال والجهد والدماء والأرواح فى سبيل الحصول على هذه النباتات لاستغلالها فى بلادهم واستخراج مكوناتها الفعالة واستعمالها فى علاج الأمراض واستغلالها اقتصاديا فى الحصول على الربح الوفير، وقد حان الوقت الذي يعلم فيه الشرق قيمة هذه الثروات الطبيعية التي منحتها له الطبيعة وازدهرت فى مناخه المعتدل وتربتة الخصبة أن هذه الثروات الطبيعية التي حبانا الله بها ومنها النباتات الطبية والعطرية إذا ما أحسن استغلالها سوف توفر لبلادنا العربية الأكتفاء الذاتي فى بعض الميادين الحيوية كما توفر أموال من العملة الصعبة تلزم فى ميادين أخرى، حيث وجود النباتات الطبية والعطرية المتنوعة الفصائل والأنواع والتي تنمو برياً فى الوطن العربي يمكن أن يجعلها تقوم بدور أساسي إذا ما درست وقدرت قيمتها الطبية والاقتصادية للاستفادة منها فى سد حاجة البلاد العربية وحصر هذه النباتات حصراً كاملاً شاملاً وان كان يحتاج إلى جهد ليس باليسير ووقت وإمكانيات إلا أنه من الضرورة بمكان ولا بد أن يأتي الوقت الذي تتعاون فيه الدول العربية على مسح أراضيها مسحاً واقعياً لحصر هذه النباتات واستغلالها. ولا شك أن أفراد الشعوب البدائية قد تعلموا أشياء كثيرة عن النباتات وقد أعطى الله سبحانه وتعالى الحيوان الأعجمي خصائص غريزية يهتدي بها إلى هذه النباتات دون مرشد أو دليل كلما احتاج إليها في علاج مرض طارئ أو هزل عارض مما جعل الإنسان يفكر كيف يستفيد من هذه الغريزة ومن تلك الخصائص وذلك بمراقبة هذه الحيوانات وتتبعها في أكلها و مشربها كلما احتاج إلى الدواء أو الغذاء. وفى الصين ظهر عام 2700 ق.م أول كتاب طبي للإعشاب وأصبح هذا الكتاب أساسا لجميع المعلومات الصينية التي كتبت بعد ذلك عن النباتات وأشهر كتاب “الأعشاب الكبيرة The great Herbal”. وفى بلاد بابل القديمة كانت المعلومات التي تتعلق بالنباتات المستعملة في الطب تسجل على أسطوانات حجرية وطينية، وهناك ألواح مدون عليها ما يزيد عن 250 نباتات من بينها نباتات الكاسيا والهندباء والكمون والكركم والمر، وقانون حمورابى المحفور على الصخر والذي يرجع تاريخة إلى 1728 ق.م ينص على استعمال النباتات الطبية لشفاء الكثير من الأمراض، وفى مصر تدل الكتابات القديمة والصور الملونة على جدران المعابد والقبور وكذلك بقايا الأعشاب التي وجدت بالمقابر بجانب الجثث المحنطة على استعمال هذه النباتات منذ 3000 ق.م. وأهم مصادر المعلومات عن الطب المصري القديم والعقاقير والتداوى بها جاء عن طريق مجموعات من لفائف البردي واكتشفت في المقابر المصرية القديمة، وأهم هذه البرديات برديات إيبرز George Ebers وبرديات إيدوين سمث Edwin Smithوبرديات هرست Hearst وبرديات برلين ويعتبر “إيمحتب” أول طبيب فى العالم، وقد استخدم الكثير من الأعشاب كالمر والأفيون والصبار والشوكران فى علاج المرضى وفى مصر القديمة، كانت هناك مدارس للطب ملحقة بالمعابد ولقد نالت المدرسة المصرية القديمة شهرة عالية وكان خريجوها موضع احترام العلم و ظل العالم كله يعالج مرضاة بنفس الطرق الفرعونية القديمة حتى حدثت ثورة الطب فى بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وقد أختص الله الأرض العربية من المحيط إلي الخليج بموقعها الجغرافي الذي يمتد علي حوض البحر المتوسط معتدل المناخ شمالاٌ إلي حدود جنوبيه استوائية حارة وأيضاُ حدود شمالية شرقية باردة مما ساعد علي وجود عالم من النباتات الطبية والعطرية عجيب ومليء بالأسرار والغموض ورغم ما بذلة الباحثون العرب وغيرهم في علوم العقاقير إلا أن النباتات الطبية والعطرية مازالت تحتوي علي كنوز دفينة يكمن بداخلها سر خلاص البشرية من الأمراض المستعصية كالسرطان وشلل الأطفال وغيرها، وقد تداوي بهذه النباتات الآباء والأجداد زمناً طويلاًً واستعملوها عطوراً وتوابل بالإضافة إلي الجو المناسب لنمو النباتات الطبية والعطرية المختلفة في الوطن العربي فقد ساعد علي نجاح انتشارها وجود أنواع مختلفة من التربة المناسبة ووفرة الأيد العاملة المدربة علي الزراعة والحصاد وتوفر مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة والقابلة للأستصلاح لتساعد علي التوسع في استغلال هذه الثروة القومية.
التاريخ الطبي عند العرب في عصر ما قبل الإسلام: لم يكن لدى العرب قبل الإسلام معلومات كثيرة عن الطب والتداوي وقد ذكر ابن خلدون أنهم اعتمدوا فى علاجهم على نصائح شيوخ القبائل وقد نالوا بعض المعرفة من البلاد المجاورة مثال بلاد الشام والفرس خلال رحلاتهم إلى هذه البلاد بقصد التجارة.
التاريخ الطبي عند العرب فيالعصر الإسلامي الأول: بعد ظهور الإسلام وفتوحاته التي امتدت من أسبانيا إلى غرب حدود الصين شرقا جاب علماء العرب هذه الأقطار والتحموا مع العلماء فى هذه البلاد وجمعوا ودونوا ملاحظاتهم على النباتات في الطبيعة، كما ترجموا إلى العربية جميع الأعمال المصرية والفارسية ويعزي إليهم الفضل فى تأسيس مزاخر الأدوية (صيدليات) فى بغداد التي كانت تمتلئ بالأوراق والجذور والأزهار والثمار والبذور، والتي كانوا يستخدمونها لعلاج الكثير من الأمراض وكانت بغداد عاصمة الخلافة هي أكبر المراكز العلمية فى العالم وكان الخلفاء محبين للعلم والعلماء، وخاصة ما يتصل منها بالعلوم الطبية فشجعوا العلماء على ترجمة المراجع إلي العربية، وفي عصر الرشيد أنشئت مدارس الطب التي كانت تحوي المكتبات الزاخرة بالمراجع الطبية، وبعد انتهاء العصور المظلمة، جاء عصر العشابين Herbalists وفى غضون هذه الفترة، بقيت النباتات تزرع فى حدائق الأديرة، وتستعمل لعلاج المرض وبعد اختراع الطباعة ، أخذت كتب الأعشاب تطبع فى كل قطر من الأقطار الأوربية وبإكتشاف أمريكا، أضيفت مجموعة كبيرة من النباتات الطبية الأمريكية فى كتاب “الأزتيكية Aztic Herbal” من تأليف مارتن دي لاكروز وحينما أستوطن الأوربيون أمريكا، وجدوا الهنود الحمر يستعملون نباتات أخرى مختلفة تماماً عما كانوا يعرفونه، فتعرفوا عليها وعلى صفاتها الطبية.
ومن أشهر علماء العرب:
1- الرازي (865 – 925 م ): ألف ما يزيد على 250 كتاباً فى مختلف المواضيع الطبية أهمها ” الحاوي فى الطب والأقربازين ”
2- ابن سيناء(980 – 1036 م ): كان فيلسوفاً وطبياً وكتب كتابة عن النباتات الطبية والعقاقير وقد أعيد طبعة عدة مرات.
3- البيروني (965 – 1038 م ): الذي كتب كتابه ودون فيه أسماء النباتات الطبية و استعمالاتها.
4- أحمد الغافقى (1164 م): أشهر أطباء الإسلام كتب عن العقاقير”الأدوية المفردة”وأعتمد على تجاربه الشخصية.
5- ابن البيطار: يعتبر من أهم علماء العرب فى علم النبات أهم مؤلفاتة “الجامع فى مفردات الأدوية والأغذية” وصف فيه 1400 نوع من العقاقير منها 300 نوع لم يسبقه أحد إلى وصفها.
6- داود الأنطاكى: كان ضريراً لا يبصر، وبالرغم من ذلك سمي بالبصير، وأشهر مؤلفاته تذكرته المشهورة.
7- أبقراط: من أعظم علماء اليونان القدماء أنه صاحب القسم الذي يردده الأطباء فى أنحاء العالم قبل ممارستهم لمهنتهم.
8- تيوفراستس: من علماء الإغريق وعالم النباتات والأعشاب، وأهم أعماله كتاب الموسم.